منذ أواخر عام 2018، يشهد الجو العربي والدولي بالعموم تغيرات كثيرة من ناحية التعامل مع سوريا ومع حكومة دمشق، حيث تراجعت كثيراً تلك الأصوات التي كانت تطالب بتغيير النظام، وبدأ الحديث يكثر عن إعادة العلاقات وتطبيعها، أو على الأقل فتح قنوات تواصل مع دمشق، للوصول في النهاية إلى حلول ناجعة لإنهاء الأزمة السورية وحربها التي مازالت تعصف بالبلاد منذ قرابة عقد، كانت أبو ظبي الرائدة والسباقة في هذا السياق، حيث أعادت افتتاح سفارتها في دمشق. والحق يُقال إن هذه الخطوة كانت قراراً شجاعاً، ولكن على ما يبدو أن التدخلات والضغوطات الدولية، حالت دون تقدم هذا المسار، وبتأثير هذه الضغوطات ولم نشهد تطوراً لاحقاً على مستوى العلاقات الاقتصادية، فقد اقتصر التواصل على المساعدات الإنسانية والدعم الكبير والسخي خلال أزمة كورونا، وبعض المجاملات عبر تصريحات رسمية وتغريدات على تويتر.
إذن، لم تتبلور محاولة دولية أو إقليمية واضحة المعالم للتعامل مع الأزمة السورية، لذلك كان لا بد من نهج استراتيجي جديد قائم على المصلحة الذاتية، يُنزل المجتمع الدولي كله عن الشجرة، ويسمح بكسر جليد يتراكم منذ عشر سنوات على طريق دمشق، ولا تمتلك أي دولة في المنطقة القدرات والمؤهلات والميزات اللازمة لتأدية هذه المهمة الشائكة، مثلما يفعل الأردن.
تلقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اتصالاً هاتفياً يوم الأحد 3 تشرين الأول(أكتوبر) 2021 من الرئيس السوري بشار الأسد، في أول محادثة بين الزعيمين بعد عقد من التوتر سببته الحرب الدائرة في سوريا. وجاء هذا الاتصال تتويجاً لسلسلة من المحادثات واللقاءات رفيعة المستوى والإجراءات الإيجابية والتي تُسهم في بناء الثقة بين البلدين، حيث جاءت المحادثة الهاتفية بعد أربعة أيام فقط من إعادة فتح الأردن لمعبر "جابر–نصيب " الحدودي شمال شرقي المملكة، وهو شريان حياة تجاري للبلدين، حدث ذلك بعد أقل من أسبوع من محادثات أردنية–سورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبدوره جاء هذا اللقاء في نيويورك بعد أربعة أيام فقط من اجتماع رئيس أركان الجيش الأردني (19 أيلول/سبتمبر)، يوسف الحنيطي، مع وزير الدفاع السوري، علي أيوب، في عمان خلال زيارةٍ استمرت يومين.
0 Comments: