السبت، 9 سبتمبر 2023

الخارطة الزراعية السورية.. تقرير بحثي يؤسس لسياسة مستقبلية

الخارطة الزراعية السورية

أوضح الخبراء أن أهمية الخارطة الزراعية تتأتى من خلال الحاجة الملحّة للانتقال بالزراعة من شكلها النمطي إلى الحداثي، حيث تُعتمد الطرق الحديثة في عملية الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، مما يؤدي للانتقال إلى سياسة التكثيف الزراعي، والذي يهدف إلى تحقيق أكبر كمية ممكنة من الإنتاج من أصغر وحدة مساحة زراعية، وأيضاً بالنسبة للإنتاج الحيواني حيث يتم الحصول على أكبر كمية من المنتجات الحيوانية من الألبان والحوم وغيرها بشكل يتناسب مع المعايير المعتمدة.

وقد استُعرضت فيه الزراعات الاستراتيجية السورية وأنواع الترب السورية. وركز التقرير على الزراعات الاستراتيجية وخاصة القمح والشعير، حيث تعتبر سوريا من الدول المنتجة للقمح بكميات لابأس بها إذ تفيض عن الاستهلاك المحلي بمعدل الضعف تقريباً. هذا وبلغت المساحة المزروعة بالقمح  1,680 ألف هكتار خلال السنوات العشرين الماضية (1995-2015)، وقد تراوح الإنتاج خلالها ما بين 4- 5 مليون طن سنوياً.

علماً أن المساحة المزروعة ترقى لتحقيق إنتاجية مضاعفة فيما لو تم الانتقال لسياسة "التكثيف الزراعي"، والتي تتضمن الحصول على أعلى إنتاجية من أصغر وحدة مساحية، وتاريخياً، اشتُهرت سورياه الكبرى باضطلاعها بتزويد الرومان بالقمح والتي بلغ عدد سكانها آنذاك حوالي الـ 50 مليون، وتجدر الإشارة إلى أن سوريا الحالية تحتل مكانة سكانية وجغرافية تفوق الـ 60% من سوريا الكبرى.

وأشار البحث إلى توزع زراعة القمح في المحافظات السورية، ولامس التقرير  الواقع الزراعي الحالي بعد ست سنوات من بدء الحراك الشعبي المطالب بالحرية، حيث أن كافة المناطق الزراعية السورية تعاني من تداعيات انخفاض الإنتاج الزراعي والحيواني وخاصة إنتاج القمح والشعير موضوع التقرير، علماً أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج يطال كافة المناطق السورية مما أدى إلى انخفاض الانتاج إلى 70%، وقد بلغ خلال سنوات الثورة بالمتوسط حوالي 1.3 مليون طن، علماً أن كمية الاستهلاك تتجاوز الـ 2 مليون طن عدا الكمية اللازمة كبذار، ناهيك عن الحاجة للإبقاء على مخزون احتياطي وعلف الحيوانات.

وأحال التقرير انخفاض الإنتاج الزراعي إلى تاريخ من التعاطي السيء مع عملية الإنتاج الزراعي والفساد المستشري في أروقة الحكومة السورية، حيث أشار التقرير إلى أن الواقع الزراعي وما يشهده من انخفاض في الإنتاج لم يتجلَّ خلال سنوات الثورة فقط، إنما بدا واضحاً في العامين 2008  و2010، بدليل قيام حكومة النظام آنذاك بالتسول لدى واحدة من الدول الخليجية التي لبّت الطلب للمساعدة بإبرام عقد مع أوكرانيا لاستيراد حوالي 2 مليون من القمح الطري لصالح سوريا وذلك في العام 2010 وكانت صفقة فاسدة بامتياز.

ويذكر العديد من المهندسين العاملين في الهيئة العامة للحبوب بأنهم وخلال استلام  كميات متتالية من القمح الأوكراني قد تعرضوا لحالات من الغثيان والإقياء، وقد كانت ذات رائحة كريهة ولكن التعليمات كانت ترغمهم على استلامها ومن ثم شحنها إلى المطاحن، وكانت هذه الشحنة المستوردة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بل وحتى لا يصح رميها في البحر حرصاً على الأسماك من التسمم، وهنا قد يتساءل المرء كيف جرى طحنها وبيعها على شكل رغيف الخبز؟، والجواب بأن خلطها مع كميات من القمح السوري الجيد خفف كثيراً من احتمال الإصابة وإلحاق الأذى بالمستهلك.

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: